هناك حكايات عابرة للزمان والمكان تجمعنا مع نساءٍ من كل بقاع الأرض، نساءٌ تساءلن عن واقعهن واستأن من الظلم وثُرن على القمع. نحن مدركاتٌ أن التاريخ الموثَّق لم يُنصِف هؤلاء المناضلات وأننا ما كنّا لنقرأ عن السرديات النسوية المتاحة لنا لولا مجهودٍ دؤوبٍ وعنيدٍ في العمل البحثي النسوي. هذا العمل مضنٍ وصعب لمجرّد أنه يعطي الأولوية لقصص النساء وخبراتهن وحياتهن. هذه هي العدسة التي تلخّص ببساطة ما يسمّى بالمنظور النسوي: أن قصص النساء مهمة وتستحق الإصغاء والجدية والثقة.
أردنا في هذا الكتاب أن نروي بعضًا من هذا التاريخ النضالي الطويل لنسلّط الضوء على أبرز مراحله وتطوراته وخلافاته وأساليب تعاطيه مع التقلبات السياسية. فتنبثق الأفكار والنظريات دائمًا من الظروف المعيشية والمادية للمجتمعات. وبإمكاننا أن نستطلع في هذه الفصول كيف تغيّرت الطروحات النسوية عبر الزمن، وهذا أمرٌ طبيعي وجيّد، وإن ساهم في خلق فروقاتٍ وتباينات. ويبقى الأساس واحد: تحرُّر النساء من النظام الأبوي والتمييز الذكوري.