Skip to Content

And I inquire about the meaning of "between"

November 22, 2025 by
And I inquire about the meaning of "between"
Takatoat - تقاطعات

تُردِّد النسوةُ حيث أنا، في رثاءٍ وتخليدٍ لندبِهِنَّ الحيّة والمنبعثة مع كلِّ جرحٍ جديد:

(لابيت أبي عامر، ولا لي قرابة، حيرتني يا بين وين أروح).

أتخطّى معنى البيت، وأستنبيء عن معنى «البين»؛

أيكون الفراقَ وحسب؟

أم النوائبَ التي في معناها «ذهابٌ وإيابٌ للمصائب»؟ رواحٌ واعتيادٌ، هكذا يرتخي الجلدُ تحت العذابات، ويخرجُ قيحُه على شاكلة الكهولة!

أنا مثل الكلّ، من مسافةٍ ما أتنقّل ما بين أرشيف الألم المُعاش إلى أرشيفٍ آخرَ وراء الشاشة، ولا شيء يؤكّد الأهوالَ غير لحظةِ الاستفاقة من خَدَرها.

(لا تعدونا مع الأيام، نحن أبسط وأكثر من ذلك)، تكتب فتاةٌ هذا وتطلب أن تكون قصّةً لا أكثر.

وأسأل نفسي: كم يمكن حقًّا رسمُ مسافةٍ بيني وبين ألمها؟

مثل الكلّ، مثلكنّ، مثلهم...

آخذ رشفةً من فنجاني طلعةَ يومي، ويدبّ في قلبي أسى، كم هناك رغبةٌ طبيعيةٌ وعاديةٌ لآخرَ يُريد هذه الرشفةَ أيضًا، يُفكّر فيها وهو يتقصّى أثر الماء!

وهكذا، أبحث في كركبتي الخاصّة عن نظّارتي، ولا أرى إلّا الركام... الركامَ والرَّدمَ تحته بشرٌ، عظامٌ، ومثلكم همٌّ كان عندهم أملٌ وألم.

بتفاهةٍ ما...

حبّةُ شوكولاتةٍ على مكتبي، وعلبةُ لُبانٍ في حقيبتي أغسل بها مرارةَ حلقي من بلعِ الأيام «العادية»، ونقاشٌ باهِتٌ: مقاطعةٌ؟ لا، مش مقاطعة...

وهناك، في الـ«هناك» الآخر، مثلي ومثلنا، تُريد هي طلاءَ أظافر، وحبّةَ شوكولاتة، ولبانًا، ومنديلًا خاصًّا، وحقيبتَها المتروكةَ على توقيت العودة. تُريد الأشياءَ العادية، الأكثر من عادية، والحرمانُ يجتثُّ من العظام!

وأستمعُ لطالب قرغولي، يرثي بجبروت الحزن العراقي عنّا كلّنا:

«هذا أنا،

نهرٌ عطشان،

آه يا ذلّة النهران من تعطّش،

ولا شالن جفوني غيظ،

ولا قتلك،

قتلني القيظ».

وأراها... تلك التي مثلنا، مثلكنّ،

أصبحت حارسةً لليلٍ أعمى تُكوِّر فيه الشمسَ لأطفالها، ولا أحلكَ من وحشتها.

هناك، عند تلال الموت، على قمّته من امتهنَّ الانتظار، تسأل في القبور عن جسدٍ تدفن معه أصابعَها المقضومةَ حسرةً تحت أيِّ ترابٍ عليل.

«ميلن لا تنقطن كحل فوق الدمّ،

ميلن وردة الخُزامى تنقط سمّ،

جرح صويحب،

بعطابه ما يلتمّ،

أحااه،

شُسِع جرحك،

ما يسدّه ثار،

يا صويحب، وحقّ الدم،

ودمك حارّ،

من بعدك مناجل غيظ،

إيحصِدن النار».

هكذا يحاول أن يرثي القهرَ مظفّر النوّاب عنّا...

والعادي، الأكثر من عادي،

في قميصٍ أسود، وقَدمٍ مكحوته مدفوعةٍ بكلِّ قهرِ الدنيا، يتناول الزمن، يقطفُ قُطوفَ العمر قطفةً تتلو قطفة... مثلهم كلّهم،

مخلوعين الإرادة، العُزَّل إلّا من ليالٍ مثقوبةٍ بالطلقات المباشرة، المظلَّلين ببقايا معركةٍ لا يُجادلون في نتيجتها، بعدما كان وما زال ويظلّ الثمنُ أثمنَ من الكلمة.

الموقدين أفئدتَهم مناراتٍ للدُّجى الذي سلخ بردَه وحرَّه أقلَّ ما فيهم، والغِربانُ تقف بمخالبها تتعلّم الدفن الجديد.

لأعوامِ الاحتمالات المتكسّرة على أبواب العالم الذي لم يفهم كلمةَ الحقّ، وللمحبوسين داخل المنفى، نُبارك لهم — وطنٌ — محروق.

تبحث آلاء، صاحبةُ هذه الصورة المنشورة في نيسان عام ٢٠٢٤، عن حياةٍ ضمن إطار لوحةٍ واحدة.

ويظلّ جرحُ العودة يلمع...

«رجعت على بيتي،

ما لقيتُه لبيتي،

دخانٌ وزوايا... لا وردةَ ولا سور».

إلى ماذا سيعود النهرُ النازف؟

وأيُّ سعيرٍ سيُطيب كلَّ القهر المعشِّش؟

بمَّ التعلُّل؟ لا أهلٌ ولا وطنٌ،

ولا نديمٌ، ولا كأسٌ، ولا سكنُ...

لا حقَّ لي في هذا السؤال، لا حقَّ لنا في أخذ الوجع من أصحابِه الأوّليين.

هذه الحياةُ العاديةُ المسلوخةُ عنهم، لأنّ هناك من يقرّر مثلَنا، ببلاهةٍ ما... لا مبرّرَ للصمت،

ولا عارَ معروفًا أكثرَ من هذه الأعوام.

عامان ليس كمقياس، بل معيارٌ للّاإنسانيّة واللّاعدالة.


تقى محمد نايف الصرايرة - الكرك 

This Content Isn't Available In English


Share this post