Skip to Content

Before grief and loss become a habit

November 22, 2025 by
Before grief and loss become a habit
Takatoat - تقاطعات

في بلدٍ أنهكته الحرب، يرثي كلَّ يومٍ أبناءَه وبناتَه، ويرثي الحجارةَ والأشجار.

بدأتُ أسأل نفسي: ماذا أريد أن أَرثي أنا بعد هذا الكمّ الهائل من الفقد؟

قرّرتُ أن أعود إلى أوّل وأقسى فقدٍ في حياتي، قبل أن يتحوّل الحزنُ والفقدُ إلى عادة. قرّرتُ أن أرثي خالتي مجد.

أريد أن أمحو من ذاكرتي صورةَ يوم الوداع الأليم، وأن أحتفظ فقط بلحظاتِ السعادة التي جمعتنا. أريد أن يبقى صوتُها وهي تُدندِن مع أنغام نجاة الصغيرة في طريقنا إلى منزلها، وهي تُحادثني وتُخطّط لنشاطاتنا أثناء زيارتي لها. كانت مفعمةً بالحياة.

بعد خمس عشرة سنةً من الغياب، ما زلتُ أشتاق إليكِ بشدّة. ما زلتُ أبكيكِ كلَّ ليلة، وأسأل: ماذا لو بقيتِ بيننا؟ ماذا كنتِ ستهدينني في نجاحاتي كما اعتدتِ؟ ماذا لو كنتِ أقوى، فتركتِ زوجكِ الخائن وعِشتِ حياةً أفضل؟

لكنّني أعرف أنّك لو بقيتِ، لكنتِ عشتِ في حزنٍ دائم، حزنٍ على كلّ ما فقدناه في سوريا خلال سنوات الحرب، على زوجكِ الخائن، على شبابِنا الضائع. لأنّكِ شخصٌ مفرطُ الحنان والعاطفة، تحملين قلبًا يتّسع للعالم.

في كلّ مرةٍ أختار أن أكتب عنكِ، لأنّكِ ملهمتي وأوّلُ من آمن بي. أتذكّر وأنا صغيرة كيف كنتِ تنصحين أمّي لتحسّن معاملتي ولا تقسُوَ عليّ.

شكرًا لكِ لأنّكِ كنتِ يومًا موجودةً بيننا، وشكرًا لأنّ ذاكرتكِ ما زالت تُنير دربي.

ها أنا ذا أرثيكِ اليوم، لا لأنسى حزنَ الفراق، بل لأتذكّر كم كانت الحياة أجملَ وأنتِ بيننا.


ماريا، مصياف، سوريا 

This Content Isn't Available In English


Share this post