أنا بطبيعتي أربط جميع مشاعري بالأدب، فهو منفذي وطريقتي في فهم العالم، إذ أرى من خلاله أن ما أشعر به ليس شعورًا فرديًّا، فهناك كثيرون يختبرون الأحاسيس ذاتها التي تعتريني. وحين أفكر في الرثاء، تتبادر إلى ذهني قصيدة أبي البقاء الرندي: «لكل شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ فلا يُغَرَّ بطيب العيش إنسانُ، هي الأمور كما شاهدتها دُوَلٌ **مَن سرَّه زمنٌ ساءته أزمانُ» أو قصيدة أحمد مطر المؤلمة «ما أصعب الكلام».
ومع ذلك، للمرة الأولى في حياتي، لا يسعفني الأدب هذه المرة في استيعاب حجم الحزن والدمار في غزة. لا أظن أن لأحدٍ منَّا القدرة على الإحاطة بما يجري هناك، غير أنني مع ذلك أرثي شبّان غزة ونساءها وأطفالها، ونباتاتها وحيواناتها، وكل ما يمشي على أرضها. أرثي بحرها وسمكها ورملها، وأرثي آمال سكانها وطموحاتهم وحياتهم.
ربما لا يملك الأدب ما يوازي هذا الفقد، وربما على الشعر أن يصمت قليلًا أمام وجعٍ كهذا. لكن في العجز ذاته نوعٌ من الرثاء، إذ نرثي اللغة لأنها لم تسعْ هذا الوجع العظيم.
أرثيهم، نعم، ولكني أقسم أن لا أنسى، وأن أحمل غزة في لغتي كما يحملها البحر في موجه.
دانا - عمان
This Content Isn't Available In English